العلاقات ‏الرقمية.. ‏واقعٌ ‏إفتراضي

9

مع حلولِ عصرِ التطوّر و التكنولوجيا على البشرية, و امتدادهِ إلى أغلبِ مرافقِ حياتنا اليومية, أصبحَ و لا بُدّ من امتلاكِ هاتفٍ محمول, أو حسابٍ على مختلفِ مواقعِ التواصل الاجتماعي, لبناءِ جسرِ تواصلٍ مع مجتمعِكَ, و حتى مع عائلتِك المصغَّرة.

حيث أنّ إهمالَك لهذه الأمور البسيطة بنظرِك -المُلّحة بنظرِ العصر- تؤدي بك, شيئاً فشيئاً و مع مرور الوقت, إلى السقوطِ في مصافي " المنبوذين إجتماعياً ", بكل ما للكلمةِ من معنى.

العلاقات ‏الرقمية,تطّور العلاقات الإنسانية,التواصل ‏الإجتماعي,الحياة ‏الإفتراضية,

و أمام هذا الواقعِ المُستجدّ, طغَتْ على حياةِ كل فردٍ منّا, شِئنا أم أبَينا, علاقةٌ نافَسَتْ أرقى أنواع العلاقات الإنسانية -رغم حداثتِها- ألا و هي العلاقة الرقمية.

يمكن أن نُعرّفَ هذه العلاقة, بأنها أسلوبُ تواصلٍ غير مباشر, يغيبُ عنها الإحتكاكُ المادي بين الأطراف المتفاعلين خلالها. حيثُ أنها لا تعتمد على ضرورة الوجود الحضوري, بل يكفيكَ تَوفّر شاشة رقمية, بغضّ النظرِ عن نوعها, حجمها, أو طريقةِ استخدامها, و ذلك لقيام تلك العلاقاتِ, و لهذا سمّيت بالرقمية.

و مع احتلالِها جوانِبَ الإنسان الحياتية, و حيازتها اهتماماً كبيراً من المجتمع ككل, أصبحت الوسيلة السائدة للتواصلِ بين الفرد و محيطه. و تراجعت في مُقابلها طرق التواصل الأخرى, بحيثُ سجّلت إرتفاعاً ملحوظاً في استخدامها, و انتشاراً واسعاً في أرجاءِ المعمورة.

يتَّجه العالم شيئاً فشيئاً و مع كلِّ يوم يمضي, إلى التخَّلي عن التَّواصل المباشر, بحيث يجد الإنسان نفسه أكثر راحةً في التَّعبير عن وجهات نظره, و آرائه و مواقفه من خلف الشَّاشة أو اللَّوح الرقمي, إذ يعتبره مُريحاً في التَّعامل مع المجتمع و أفراده, و يعطيه ثقةً زائدة في نفسه, و قد تفرَّعت من هذه العلاقة علاقات الحبِّ, إلى علاقات الصَّداقة حتى علاقات الأقارب, التي أضحت في غالبيّتها رقمية.

من إيجابياتِ هذه العلاقة, سهولةُ التواصل و سرعته, اذ تزيلُ هذه الأخيرة, العقباتَ بين أطرافِ هذه العلاقة, فتُقرّبُ المسافات, و تمحو البُعدَ كأنهُ لم يكن. بالإضافة إلى أنها تمنحُكَ خاصيّة التواصل مع من تريد، في المكان و الزمان المناسب لك, كلُّ ذلكَ دون تكلّفٍ أو جهدٍ يُذكرْ.

رغم هذه الميزات الفريدة, كان لهذه العلاقة مساوِئَ عدّة, أبرزها انغماسُ الفردِ في مجتمعٍ من العلاقات الإفتراضية, حيثُ يجد فيها هروباً من الواقعِ, و مكاناً يلجأُ إليهِ, بعيداً عن مُعتركِ الحياة الواقعية, بهدفِ البحثِ عن السعادة, الرضى, المحبة و تحقيق الذات.. .

فأيُهُما في هذا السباق التنافسي,  سيغلب على الآخر, العلاقات الحقيقية أم تلك الإفتراضيّة؟

التعليقات

  1. على الارجح الافتراضية، لأن الفرد يجنح دائما الى الأسهل والأقل جهدا

    ردحذف
  2. مقالاتك جداً سلسة وترابط افكار متناسق 👍🏻

    ردحذف
  3. جد جميل

    ردحذف
  4. مقالة رائعة وتستحق النشر في اهم الصفحات العالمية العلمية

    ردحذف

بحث هذه المدونة الإلكترونية